قرية الشيخ عبادة: تاريخ عريق وحضارة ممتدة
تقع قرية الشيخ عبادة على الضفة الشرقية لنهر النيل، في مركز ديرمواس بمحافظة المنيا جنوب مصر. بمساحة تبلغ حوالي 27 كيلومترًا مربعًا، وتقع القرية على بعد 46 كيلومترًا من مدينة المنيا. كانت القرية تُعرف قديمًا باسم “بيسا”، وفي عام 130 ميلاديًا، قام الإمبراطور الروماني هادريان بإنشاء قبر لغلامه أنطونيوس، الذي توفي غرقًا، في هذه القرية. بعد ذلك، قام أعيان القرية ببناء مساكنهم في حديقة القبر، وأصبحت القرية تُعرف باسم “أنتوبوليس”.
التاريخ العريق للقرية
في كتاباته، أورد علي مبارك رأي العلماء الفرنسيين حول اسم المدينة القديمة “بيزا”، حيث أشار إلى أن أحد مقدسي المصريين في العصور القديمة قد ظهرت له كرامات عظيمة في مدينة أبيدوس، كما ذكر ذلك المؤرخ “أفيان مرسيليان”. كما أشار “سولويس” إلى أن مدينة التتوينية كانت تُعرف سابقًا باسم “بيزا وانتوبه”، مما يدل على سبق تاريخ مدينة بيزا على المدينة الرومانية. وقد تغير اسم المدينة القديمة عبر العصور إلى عدة أشكال، منها “Ancins” و”Ensina”، حتى جاء العرب وعربوها إلى “انصنا”، وجعلوها قاعدة لأحد كور مصر، وسماها السكان “انصلة”، ثم اشتهرت بين العامة باسم “مدينة النصلة”.
وأشار ياقوت الحموطي في كتابه “معجم البلدان” إلى أن “انصنا” مدينة عريقة، كما ذكرها المقريزي في كتابه “الخطط” بأنها إحدى مدن الصعيد القديمة في مصر، وكان بها مدرج روماني يستخدم لقياس منسوب النيل. وفي كتاب “التحف المنسية بأسماء البلاد المصرية”، ذكر ابن الحيعان أن مساحة المدينة بلغت 13 فدانًا. كما أشار محمد رمزي إلى أن اسم “انصنا” كان يُطلق على قرية مزدحمة حتى أوائل القرن الثالث عشر، وبسبب خراب مساكنها، تم تسجيلها في عام 123 ميلاديًا باسم “الشيخ عبادة”، إحدى توابع انصنا القديمة.
الإرث الديني والسياسي
تُعد قرية الشيخ عبادة ذات إرث ديني وسياسي كبير، حيث تضم بين طياتها منزل ماريا القبطية، زوجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وعند فتح القرية على يد الصحابي عبادة بن الصامت، أقام فيها مسجدًا، ما زال شاهدًا على الفتح الإسلامي حتى يومنا هذا.