يشهد عالم كرة القدم حاليًا أزمة غير مسبوقة تتعلق بازدحام التقويم الكروي، حيث تتصاعد الخلافات بين الاتحادات الكروية والنقابات والأندية والدوريات المحلية والدولية. وتتسبب كثرة البطولات المستحدثة وتضارب المواعيد في زيادة الضغوط على اللاعبين، مما يهدد صحتهم ومستقبلهم المهني.
وفقًا لتقرير صحيفة “آس” الإسبانية، يُعتبر هذا الخلاف أحد أبرز التحديات التي تواجه كرة القدم الحديثة. وقد وصل التقويم الكروي إلى مرحلة الإنهاك التام نتيجة تضاعف عدد المباريات بشكل غير مسبوق، مما أثار جدلاً واسعًا، وحذّر البعض من أن الوضع قد يؤدي إلى “حرب أهلية” داخل كرة القدم العالمية.
وقد بدأت النقابات الممثلة للاعبين ترفع من نبرة انتقاداتها بشكل غير مسبوق، مُوجِّهة أصابع الاتهام إلى المؤسسات الدولية التي تدير اللعبة. وفي الوقت نفسه، تحاول هذه المؤسسات الدفاع عن مصالحها الاقتصادية المُستفادة من تنظيم البطولات، بينما تتمسك الدوريات المحلية بمواعيد مبارياتها وتعترض على البطولات المستحدثة التي تزيد من أعباء الأندية واللاعبين.
وقد أثارت بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة أزمة كبيرة، حيث وصفها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بالنجاح الكروي، إلا أنها أجبرت العديد من الأندية على خوض عدد قياسي من المباريات خلال موسم واحد.
من جهتها، انتقدت نقابة اللاعبين العالمية “FIFPro”، التي تمثل حوالي 65 ألف لاعب محترف، “فيفا” بشدة. وأكدت النقابة أن كرة القدم تتجه نحو نموذج يهدد صحة اللاعبين ويُهمش دورهم كأساس للعبة.
وتعود جذور المشكلة إلى سنوات مضت، حيث تطالب النقابات بإصلاحات حقيقية تضمن فترات راحة مناسبة للاعبين. وقد أكدت “فيفا” أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، وعقدت اجتماعات مع عدة نقابات خلال بطولة كأس العالم للأندية، وافقت فيها على إجراءات تهدف إلى حماية صحة اللاعبين. ومن بين هذه الإجراءات فرض فترة راحة إلزامية لا تقل عن 72 ساعة بين المباريات، وإجازة لا تقل عن 21 يومًا بين المواسم.
إلا أن هذه الإجراءات تظل غير مُلزمة، حيث لا توجد لوائح واضحة على المستويين المحلي والدولي. وقد أدى هذا الوضع إلى نزاعات متكررة بين الجهات المعنية.
ومن أبرز المنتقدين لاستحداث البطولات الجديدة، خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، الذي أشار إلى أن المسؤولية تقع على عاتق “فيفا” و”يويفا” في تعديل مواعيد البطولات الدولية والقارية لضمان راحة اللاعبين، بدلاً من إلقاء العبء على الدوريات المحلية.
وفي هذا السياق، طلب ريال مدريد تأجيل بداية موسمه في الدوري الإسباني، بحجة أن الفترة الفاصلة بين مباراته الأخيرة في كأس العالم للأندية وبداية الدوري لا تمنح اللاعبين فترة إجازة كافية. إلا أن باريس سان جيرمان وتشيلسي يواجهان وضعًا أكثر صعوبة، حيث سيخوضان مباريات مهمة في أوقات متقاربة.
وأكدت “فيفا” أن عدد المباريات التي يخوضها الأندية لم يزد بشكل كبير عن السنوات الماضية، مشيرة إلى أن ريال مدريد كسر الرقم القياسي هذا الموسم بخوضه 68 مباراة رسمية في سبع بطولات مختلفة.
ومع استمرار هذه الأزمة، أصبحت النقابات أكثر تصعيدًا في مطالبها، محذرة من إمكانية وصول كرة القدم إلى حافة الانهيار إذا لم يتم التوصل إلى حلول جذرية وسريعة.