تناغم الحياة في جبال سرابيط الخادم: الجِمال والطبيعة في لوحة بديعة
على سفح جبال سرابيط الخادم بجنوب سيناء، يتجسد أعمق صور الانسجام بين الكائنات والطبيعة. جمل بدوي يقف ساكنًا بينما يعلو سنامه طائر عابر، يلتقط بمنقاره ما علق بوبر الجمل من فتات الحبوب. خلفهما، ترسم الجبال لوحة صخرية لا تنطق إلا بالحياة والدهشة. هذا المشهد البديع لا يُصنع بيد البشر، بل تحتفظ به الأرض لمن يزورها بقلب مفتوح.
في هذا المكان الجبلي الذي لا يزال يحتفظ بجماله الفطري، تعد الجِمال شركاء حياة لأهالي الوديان. ليست مجرد حيوانات صحراوية، بل وسيلة تنقل ورفيقة سفر، وحافظة أسرار المسارات الوعرة بين الشعاب الجبلية. يقول سليمان على، أحد أبناء قبيلة الحماضة: “كان الجمل بالأمس وسيلة حياة، واليوم صار جزءًا من تراثنا ووجهًا سياحيًا نفاخر به”.
ما زال بعض السكان يعتمدون على الجمال للتنقل في الطرق غير الممهدة، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها بالسيارات. كما يستخدمونها لخدمة السياح، حيث يعشق الزوار من مختلف الجنسيات تجربة السير بالجِمال وسط الوديان، بصحبة دليل بدوي يتولى قيادة القافلة ويعدّ لهم “العيش الفراشيح” تحت ظل الصخور.
لا يقتصر دور الجمال على السياحة، فهناك من يربي سلالات الهجن الأصيلة ويشارك بها في سباقات الهجن التي تُعد جزءًا من التراث البدوي. هذه السباقات لا توفر فقط مردودًا ماديًا لأصحابها عندما تحقق الجمال مراكز متقدمة، بل تمنحهم أيضًا احترامًا ومكانة داخل المجتمع البدوي، وتزيد من قيمة السلالة في سوق الهجن.
وفي المأثورات الشعبية يقولون: “لا تعاين الغنم والرويبة وتهمل الفطر وتشيب.. ترى البل معزة تطرد الهم والفقر والشيب”. أي أن الإبل تحمل في وجودها العز وطرد الهموم.
في هذا المشهد البديع، لا تتحرك الجمال وحدها. الطيور، خاصة المهاجرة منها، تجد في أجسام الجمال مكانًا دافئًا للراحة، وكانت تستخدمها كعلامة حية على وجود الحياة والماء في الصحراء. وهكذا يكتمل المشهد الذي يجمع بين الجبل والجمل والطير في تناغم يصعب وصفه بالكلمات.
ورغم بساطة الحياة في تلك المناطق، إلا أن هذا التناغم يمنح الزائر تجربة استثنائية. فحين يجلس في إحدى الاستراحات الجبلية، يشاهد قافلة جمال تتحرك بصمت، ويسمع نداء الطيور المهاجرة، ويرى قمم الجبال تحتضن الغيوم… يدرك أن هناك حياة كاملة تُعاش هنا في صمت، بعيدًا عن صخب المدن.
الجمل والطير
في حضن الجبال
لوحة طبيعية