أصدرت النيابة العامة قرارًا بحبس المتهمة في واقعة وفاة عدد من الأطفال ووالدهم بمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق. جاء هذا القرار بعد أن أكدت تقارير مصلحة الطب الشرعي والمعامل الكيميائية أن سبب الوفاة كان تسممًا بمبيد حشري شديد السمية يُعرف باسم “الكلوروفينابير”، والذي يؤدي إلى انهيار التنظيم الحراري للجسم وفشل الأجهزة الحيوية حتى توقفها عن العمل. وقد تم اكتشاف آثار هذا المبيد في العينات المأخوذة من جثامين الضحايا.
التسمم الحاد بمبيد الكلورفينابير (Chlorfenapyr)
أوضحت الدكتورة هبة يوسف، رئيس قسم السموم الإكلينيكية بكلية الطب جامعة بورسعيد، أن مبيد الكلورفينابير ينتمي إلى مجموعة المبيدات الحشرية الفوسفاتية العضوية. يحتوي هذا المبيد على مادة فعالة شديدة السمية بنسبة تركيز 48%، ويُستخدم لمكافحة النمل الأبيض وسوس النخيل، بالإضافة إلى استخدامه في رش أرضيات المباني الأساسية ومعالجة الأخشاب المصابة بالسوس. يتم خلطه بمعدل 1 سم³ لكل 10 لترات ماء، وذلك بترخيص من وزارة الصحة.
وأضافت أن المبيد الحشري يندرج تحت مجموعة الفوسفور العضوية (Organophosphates)، والتي تتميز بخصائص كيميائية خطيرة. المركب الكيميائي يُحضر من 3-ميثيل البيريدين، ويتواجد في الشروط القياسية على شكل بلورات عديمة اللون والرائحة في بعض الأحيان. تصنف منظمة الصحة العالمية هذا المركب كمادة خطرة على صحة الإنسان.
الأثر الحيوي للمبيد
يعتبر الكلورفينابير مادة سامة حتى بتراكيز ضئيلة، ويعمل كمبيد غير جهازي يؤثر بالملامسة وعن طريق الجهاز الهضمي والتنفسي. يعمل المركب على تثبيط إنزيم الاستيل كولينيز في الجهاز العصبي للحشرات، مما يؤدي إلى شللها وموتها السريع. هذا التأثير قد يحدث أيضًا في البشر عند التعرض لجرعات كبيرة.
طرق التعرض لسموم المبيد
يمكن أن يحدث التسمم الحاد عند التعرض للمبيد عن طريق الابتلاع، سواء من خلال المياه أو الغذاء الملوث، أو عن طريق الاستنشاق أثناء عملية الرش، أو امتصاصه عبر الجلد. الأطفال أكثر عرضة للخطر بسبب حساسية جلدهم وسهولة تعرضهم للمواد الكيميائية الخطرة. الخصائص التي تجعل المبيدات فعالة في قتل الحشرات يمكن أن تجعلها سامة للإنسان أيضاً، خاصة في حالات التعرض العرضي أو محاولات الانتحار.
أعراض التسمم لدى البشر
تشمل أعراض التسمم بالفوسفات العضوية تدميع العينين، تشوش الرؤية، سيلان اللعاب، التعرق، السعال، القيء، وصعوبة التنفس. في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي التسمم إلى انخفاض ضغط الدم، اختلال في ضربات القلب، وحدوث تشنجات. قد تستمر الأعراض لساعات أو أيام، ويستمر الضعف والهزال لأسابيع بعد التعرض للمبيد.
وأشارت الدكتورة هبة يوسف إلى أن خطورة هذه المبيدات تزداد عندما تكون عديمة الرائحة، مما يجعل الشخص المتعرض للتسمم غير مدرك لإصابته. كما أن هذه المبيدات قد تؤدي إلى إطلاق إشارات عصبية شاذة، مما يجعل الأعضاء الحيوية مثل المخ والقلب والرئتين تتوقف عن العمل.
التشخيص والعلاج
يعتمد تشخيص التسمم على الأعراض والعلامات الظاهرة على المريض، بالإضافة إلى الفحوصات المعملية مثل تحليل الدم وتحليل الكهارل. يُعطى الأتروبين عن طريق الوريد كترياق منقذ للحياة، ويتم مراقبة العلامات الحيوية ووظائف الجهاز التنفسي للمريض. يكون العلاج دعميًا، مع إزالة الملابس الملوثة وغسل الجلد بالماء والصابون.
خطر المبيدات على الأطفال
تشكل المبيدات الحشرية خطرًا كبيرًا على الأطفال بسبب ضعف مناعتهم وحساسية أجسامهم للمواد السامة. الأطفال أكثر عرضة للخطر بسبب سهولة امتصاص المبيدات من جلدهم وتعرضهم للمواد الكيميائية من خلال وضع أيديهم وألعابهم في أفواههم. المبيدات يمكن أن تسبب تلفًا في النمو العصبي مثل تأخر الكلام، صعوبات التعلم، وقد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
نصائح لحماية الأطفال من المبيدات
لتجنب تعرض الأطفال للمبيدات، ينصح بعدم تعريضهم للمناطق المرشوشة لمدة 24-48 ساعة بعد الرش. كما يجب تغطية ألعابهم وأسطح الطعام، وغسل الأرضيات بالماء والصابون بعد الرش. في حالة تعرض الطفل للمبيد، يجب تغيير الملابس الملوثة فورًا وغسل الجلد بالماء والصابون لمدة 15 دقيقة.
وفي تفاصيل الواقعة، كشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمة قامت بخلط المبيد الحشري بالخبز وإرساله إلى منزل الزوجة الأولى، مما أدى إلى إصابة الضحايا بأعراض التسمم ووفاة الأب والأطفال. جارٍ استكمال التحقيقات للوقوف على كافة التفاصيل المتعلقة بالواقعة.