الطاقة الشمسية: رافد استراتيجي لتحقيق كفاءة الطاقة في قطاع البترول المصري
في إطار سعي مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء نحو رفع الوعي المجتمعي ونشر المعرفة في قضايا التنمية، قام المركز بنشر مقال للمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، في العدد السادس من مجلة “آفاق الطاقة” تحت عنوان “الطاقة الشمسية رافد استراتيجي لتحقيق كفاءة الطاقة في قطاع البترول المصري”.
أكد المهندس كريم بدوي في مقاله أن صناعة البترول والغاز تُعد دعامة رئيسية للنمو الاقتصادي، حيث تربطهما علاقة طردية مع الاقتصاد الوطني. وأشار إلى أن المتغيرات العالمية المتعلقة بأمن الطاقة وتغير المناخ فرضت ضرورة إعادة تقييم منهجيات إنتاج البترول لتحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
التحول نحو الطاقة المتجددة
أوضح بدوي أن الدولة المصرية اتجهت إلى دمج مصادر الطاقة المتجددة في قطاع البترول، الذي كان يعتمد تقليديًا على الوقود الأحفوري. وتعد الطاقة الشمسية خيارًا مثاليًا لتعزيز كفاءة الطاقة في القطاع، مما يدعم التوجه نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية ويحقق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وأضاف أن قطاع البترول يشهد تطورًا ملحوظًا، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للقطاع نحو 517 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ137.7 مليار جنيه عام 2014/2015. كما يُسهم القطاع في توفير الآلاف من فرص العمل وتلبية احتياجات قطاعات حيوية مثل الكهرباء والنقل والبتروكيماويات.
مشروعات بترولية ضخمة
في الفترة من يوليو 2014 إلى يونيو 2023، تم تنفيذ عدد كبير من المشروعات البترولية بإجمالي استثمارات تُقدر بنحو 1.2 تريليون جنيه، شملت تنمية حقول الغاز الطبيعي والزيت الخام، وتكرير البترول، وصناعة البتروكيماويات، وإنشاء خطوط أنابيب ومستودعات تخزين، وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل.
وأكد بدوي أن الدولة تولي اهتمامًا متزايدًا برفع كفاءة قطاع البترول والغاز، حيث تم تشكيل “اللجنة العليا لترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة بقطاع البترول” في فبراير 2015 لوضع سياسات واستراتيجيات تعزيز كفاءة الطاقة.
نتائج ملموسة
منذ عام 2017، تم تنفيذ 340 إجراءً ومشروعًا لترشيد الطاقة في قطاع البترول، مما حقق وفرًا سنويًا يُقدَّر بنحو 135.5 مليون دولار وخفض الانبعاثات الكربونية بما يعادل 1.2 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
استراتيجية كفاءة الطاقة
وضعت وزارة البترول استراتيجية متكاملة بعنوان “استراتيجية قطاع البترول لكفاءة الطاقة 2022-2035″، والتي تهدف إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية من خلال التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتبني الحلول الرقمية لإدارة الطاقة.
وتنقسم الاستراتيجية إلى مرحلتين: الأولى تستهدف تحقيق وفر بنسبة 10% في استهلاك الطاقة بحلول عام 2027، والثانية تهدف إلى تحقيق وفر بنسبة 18% بحلول عام 2035.
الطاقة الشمسية: ركيزة التحول الطاقي
تعد الطاقة الشمسية ركيزة محورية في جهود التحول الطاقي داخل قطاع البترول، حيث يجري تنفيذ خطة متكاملة للتوسع في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. وتستهدف مصر الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول عام 2030، مع تشكيل الطاقة الشمسية ما يزيد عن 26% من مزيج الطاقة.
مشروعات الطاقة الشمسية
تم تنفيذ عدة مشروعات استراتيجية لتوظيف الطاقة الشمسية في قطاع البترول، منها:
- محطة توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الخلايا الشمسية بشركة أسيوط لتكرير البترول بقدرة 10 ميجاوات.
- مشروع توليد الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية بشركة بترول بلاعيم بقدرة 8 ميجاوات.
- تشغيل محطات الخدمة والتموين بالطاقة الشمسية.
- تنفيذ مشروعات لمحطات الطاقة الشمسية في حقول شركات بتروفرح وأوسوكو وخالدة.
تعاون دولي ومبادرات مستقبلية
شهدت الفترة الماضية توقيع مذكرة تفاهم مع شركة هواوي مصر للتكنولوجيا للتعاون في مشروعات الطاقة الشمسية، وتنفيذ مشروع الأمونيا الخضراء في دمياط بتكلفة استثمارية تتجاوز 900 مليون دولار.
وأكد المهندس كريم بدوي أن الجهود المبذولة تُجسد توجهًا جادًا نحو دمج الطاقة المتجددة في قطاع البترول، مما يعزز قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المناخية الدولية ويُرسخ مكانتها كمركز إقليمي للطاقة المستدامة.