أنيبال سكونياميليو: الفنان الإيطالي الذي أرّخ حياة مصر في لوحات نادرة بمتحف محمود سعيد

يعد متحف محمود سعيد في الإسكندرية أحد أهم المتاحف الفنية في مصر، إلا أنه لم يحظَ بالشهرة الكافية مقارنةً بالمتاحف الكبرى الأخرى في المحافظة. من بين الأعمال الفنية البارزة في المتحف، تُبرز لوحة الفنان الإيطالي أنيبال سكونياميليو، الذي عشق مصر ووثق حياتها في أعماله الفنية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على تفاصيل هذه اللوحة الفريدة وقصة الفنان الذي أبدعها.

فنان إيطالي عشق مصر واستلهم فنّه منها

أنيبال سكونياميليو، الفنان الإيطالي الذي جاء إلى مصر بحثًا عن العمل، تمكن من ترك بصمة فنية مميزة خلال فترة إقامته في البلاد. ظهرت أعماله مؤخرًا في مزادات فنية شهيرة في إيطاليا ولندن، حيث أظهرت لوحاته اهتمامًا بالحياة البدوية والشعبية في الشرق، بالإضافة إلى توثيقه لجنود المسلمين. بعد قضاء خمس سنوات في مصر، عاد سكونياميليو إلى إيطاليا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا مهمًا.

معظم أعمال سكونياميليو في مصر جمعها مقتنٍ شهير يدعى E. Friedman، وهو ألماني سكندري قام بتقديم ثروته من اللوحات والتحف لمدينة الإسكندرية في السنوات الأولى من القرن العشرين. تشير القصة إلى تشابه كبير مع قصة “إدوارد فريدهايم”، المقتني الشهير الذي تبرع بثروته من الأعمال الفنية لبلدية الإسكندرية عام 1906. وعلى الرغم من التشابه في الأسماء، لا تزال الأبحاث جارية لتحديد ما إذا كانت الشخصيتين واحدة أم لا.

يقول محمد سعيد، خبير أثري بالإسكندرية، إن الفنان الإيطالي أنيبال سكونياميليو جاء إلى مصر بحثًا عن العمل، واستطاع أن ينفذ عملًا فنيًا مذهلًا بعنوان “بائع البطيخ”، الذي صنعه بالزيت والتوال. وأضاف أن المتحف يضم العديد من الأعمال الفنية المتميزة التي أنتجها فنانون عالميون تركوا بصمة فريدة في مصر.

ولد محمود سعيد في 8 أبريل عام 1897، وينتمي إلى عائلة أرستقراطية حيث كان والده محمد باشا سعيد رئيس وزراء مصر خلال فترة سياسية معقدة في العشرينيات. يُذكر أن محمود سعيد هو خال الملكة فريدة، زوجة الملك فاروق. على الرغم من إصرار والده على دراسة القانون، انضم محمود إلى النيابة العامة، لكن حبه للفن ظل ملازمًا له طوال حياته المهنية في القضاء.

بعد تقاعده وتفرغه للرسم في سن الخمسين، تمكن محمود سعيد من تطوير أسلوب فني خاص به عام 1947، وهو أسلوب مصري خالص يعكس تفاصيل الحياة المصرية بجميع أبعادها. درس طوال حياته على يد أجانب، أشهرهم “زانييري”، الذي تأثر به في البداية لكنه تخلص منه لاحقًا ليصمم أسلوبه الفريد. تُوفي محمود سعيد في نفس يوم ميلاده بعد 67 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا لا يزال يُحتفى به حتى اليوم.