“مركز ملوى بالمنيا: أبرز المواقع الأثرية من الأشمونين إلى تونا الجبل عبر التاريخ”

مركز ملوى، أحد أبرز مراكز محافظة المنيا في صعيد مصر، يُعد وجهة سياحية وأثرية بارزة تحظى باهتمام كبير من الباحثين عن التاريخ والثقافة. يقع المركز على بعد 45 كيلومترًا من مدينة المنيا، ويضم في طيّاته العديد من المناطق الأثرية المهمة التي تعكس عراقة الحضارة المصرية القديمة، مثل تونا الجبل والأشمونين ومنطقة الشيخ عبادة.

الأشمونين: قلب الحضارة القديمة

تبعد الأشمونين حوالي 8 كيلومترات غرب مدينة ملوى، وهي تحريف للاسم القبطي “خمنو” أو “مدينة الثمانية المقدسة”. أطلق عليها اليونانيون اسم “هيرمبوليس ماجنا”، وكانت مركزًا لعبادة الإله تحوت، الذي يُرمز إليه بالقرد أو طائر أبو منجل. تشتهر الأشمونين بكونها مدينة الأحياء، بينما تقع مدافنها في تونا الجبل. تشمل آثارها بقايا كنيسة ذات نظام بازلكي بأعمدة جرانيتية، ومعبد من عهد فيليب أرهيديس، وتمثال للإله تحوت يعود للدولة الحديثة. كما تضم حديقة متحفية وسوقًا يونانية تاريخية، حيث توجد أعمدة جرانيتية حمراء تعود لعام 350 ق.م في عهد بطليموس الثاني وزوجته.

تونا الجبل: جبانة الإله تحوت

تقع تونا الجبل على بعد 10 كيلومترات غرب الأشمونين، وقد ازدهرت في العصر اليوناني كجبانة لمدينة الأحياء بالأشمونين. تُعرف أيضًا باسم “هيرموبوليس الغرب”، وتتميز بمنازل جنائزية مزينة بمناظر تجمع بين الفن اليوناني والمصري القديم. من أبرز آثارها مقبرة بيتوزيرس، رئيس كهنة الإله تحوت، والتي تشبه دور العبادة المصرية في العصر البطلمي. كما تحتوي المنطقة على مقبرة إيزادورا، وهي فتاة يونانية ماتت غرقًا، وقد شيّد لها والدها بيتًا جنائزيًا يحتوي على كتابات يونانية رقيقة. بالإضافة إلى ذلك، تضم تونا الجبل سراديب دفن الإله تحوت، والتي تمتد تحت الأرض لمسافات كبيرة وتحوي تابوتًا لأحد الكهنة.

منطقة الشيخ عبادة: إرث الامبراطور هارديان

تقع منطقة الشيخ عبادة على بعد 8 كيلومترات شرق مدينة ملوى، وقد بناها الإمبراطور هارديان عام 120 ق.م تخليدًا لذكرى صديقه الحميم انتينوى، الذي غرق في النيل بعد سماعه نبأ سيئ عن الإمبراطور. بنى هارديان مدينة كاملة في المنطقة وربطها بميناء رأس بناس في أسوان لتعزيز التجارة بين مصر وبلاد الشرق. تم اكتشاف العديد من أوراق البردي الهامة في هذه المنطقة، والتي توضح تفاصيل العقود والقوانين والحياة المدنية في ذلك العصر، مما يجعلها موقعًا أثريًا غنيًا بالمعلومات التاريخية.